الثلاثاء، 25 يونيو 2013



الخمر بين اليهودية والمسيحية والإسلامية !؟؟

ماغي خوري 
الحوار المتمدن-العدد: 1900 - 2007 / 4 / 29 - 11:53 
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني

رد : أبو حب الله ...
---------- 

في هذا الموضوع .......
لم تتمالك الكاتبة نصرانيتها في طعنها في شريعة الإسلام الواضحة في تحريم الخمر ! 
ففضحها جهلها وتدليسها على العوام ووقعت في أخطاء لا يقع فيها مبتدئ !... 
وهكذا هو الباطل دوما عندما يعمي عين صاحبه !!.. 

ذكرني ذلك بأحد منكري السنة عندما وجد حديثا صحيحا للنبي صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم - يؤكد فيه ادعاء أهل السنة والحديث شرب النبي للخمر ؟؟.. ليس هذا فقط ولكن : ويأتي النبي بالخمر من المسجد أيضا !!..

حيث يقول النبي في الحديث الصحيح لعائشة رضي الله عنها : 
" ناوليني الخمرة من المسجد " !!!..
فقرأها الجاهل صاحب الشبهة بفتح الخاء لا بضمها (وكما يسمعها في الأفلام العربية السفيهة) :
فظن الخمرة هي نفسها الخمر المذكورة في القرآن !!.. وبهذا المعنى السقيم ومن فرط جهله باللغة والأحاديث : قام بنقل كذبته إلى العوام المسلمين ليزعزع ثقتهم في الأحاديث ويفتنهم :
وخصوصا ًوأن الحديث صحيح كما قلنا !!!.. 

والصواب : هو أن الخمرة بضم الخاء :
هي أشبه في يومنا هذا بسجادة الصلاة .. وكانت من الحصير أو الخوص يجلس عليها المصلي :
أو يضع عليها رأسه في السجود ..!

وسُميت بالخمرة : لاختلاط خيوطها من الخوص والحصير ببعضها البعض ..

وهكذا كان سيقرأ معناها هذا المنكر للسنة لو قرأ في كتب الحديث نفسها أو حتى شروحاتها !!..

ولكن أنى للذين يطعنون في الإسلام الصحيح القراءة في  كتب الدين أصلا ؟!!!..
فهم إما يزورونها لاستخراج الشبهات : وإما لا يعرفونها البتة !!..

بل : وهناك أسماء أبواب كاملة في كتب الحديث تذكر : صلاة النبي على الخمرة إلخ إلخ ..!!!!
----------------------- 

ونعود لكاتبة الموضوع فنلخص ما كتبته في نقاط وهي :

1...
استعرضت نصوصا من العهدين القديم والجديد تريد بهما إظهار أن الأصل كان لديهم هو تحريم الخمر التي تفضي بصاحبها إلى السكر وعدم التحكم في تصرفاته وأقواله وعقله ...
أقول :
وهذا معروف لدينا ألا وهو : أصل تحريم الله تعالى المسكرات في اليهودية والنصرانية ... وبعيدا عن التحريف الذي طالهما ... حيث صار الأمر بالنهي عن الخمر في ديانتيهما المحرفتين خاصا ببعض رجال الدين فقط : وفي بعض المناسبات المحدودة أيضا .. وأما غير ذلك : فليس هناك ما يمنع أي يهودي أو نصراني من شرب الخمر على اعتبار قلته ...!

في حين نرى نبي الإسلام كان قاطعا حازما في تحريم شرب قليل ما يُسكر !!!..
وذلك لأن الله تعالى الأعلم بضعف البشر : يعلم أن مَن يشرب قليل الخمر في أوله :
لن يلبث أن يتجرع كثيره بعد ذلك أو مع الوقت وغلبة السكر عليه ...
يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم :
" ما أسكر كثيره : فقليله حرام " .. رواه أحمد وغيره وصححه الألباني ..
وبالمناسبة :
لم تذكر كاتبة المقالة أمثال هذا الحديث وكأنه لم يكن !!!..

2...
ثم حاولت بعد ذلك التخفيف من التحريف الذي طال كتبهم والذي أبطل أن يكون الخمر المُسكر نجسا محرما !!!.. وذلك من جملة ما طاله التحريف من كتبهم مثل إباحة لحم الخنزير النجس وكذلك إسقاط وجوب الختان على الذكور إلخ !!!..
فأوردت النص الشهير على لسان عيسى عليه السلام عندهم :
" ليس ما يدخل الفم ينجّس الإنسان، بل ما يخرج من الفم هذا ينجّس الإنسان " (متى 15:11) !!..

ثم ذكرت بعده من النصوص ما نسميه نحن المسلمون في علم الفقه : تخصيص العام أو تفصيل المجمل ..
فذكرت نصوصا أخرى من أعمال الرسل تنص على منع الخمر الذي يصل إلى حد السكر .. أما قليله فلا بأس به ..
أقول :
ولم تشر الكاتبة الغير محايدة من قريب ولا بعيد لموقفين مزعومين للمسيح عليه السلام : أحدهما في أول دعوته (وهو أول معجزة له في أناجيلهم المحرفة وهي تحويل ماء عرس قانا إلى خمر - إنجيل يوحنا 2 - 5: 10) .. والآخر في آخر أيام دعوته (وذلك عندما قدم لتلاميذه خمرا قائلا لهم هذا دمي !! - إنجيل مرقس 14 - 22: 26) ....
ومعلوم أسباب عدم تعرضها لهذين النصين بالطبع : في حين سترون الآن تلمسها لأقل من ذلك مع الأحاديث الخاصة بالنبي محمد في الإسلام ..!

3...
وأخيرا .. وبعد أن بيضت ساحة اليهود والنصارى وفق استطاعتها وتدليسها بهذه المقدمة التي استماتت فيها لتوضيح الواضحات وتأويل التحريفات :
انتقلت لمقارنة موقف الإسلام من تحريم الخمر !!!..

فطعنت في معنى الآية الشهيرة التي أتت بتحريم الخمر بعد التدرج في إبعاد المسلمين عنه :
" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " سورة المائدة ..

ويا لعجب ما فعلت !!!!..
يعني الإسلام الذي يعلم القاصي والداني بتحريمه للخمر تحريما باتا منذ نشأته وإلى اليوم شرقا وغربا :
جاءت كاتبة المقال - وبكل سفاهة وتجاهل للواقع - : لتخالف تلك الحقيقة بجهلها وجهالتها باللغة العربية كما سنرى الآن : وبلويها للكلام والنصوص والمعاني أيضا على غير المعروف في الدين (خلطها بين معنى الخمر والنبيذ) :
مستغلة في ذلك جهل فئات العوام الذين تخاطبهم باللغة والفقه والدين - وشكرا للإعلام والتعليم في بلادنا - !

File:Alcohol consumption per capita world map.PNG

الصورة أعلاه من الويكيبديا : توضح نسبة استهلاك الدول للخمر ..
وقارنوها بالصورة التالية عن أماكن تمركز الأديان في العالم .. والذكي يفهم !!!



ويكفينا عدم ذكرها للأحاديث الكثيرة الصريحة في بيان تحريم الخمر .. مثل الحديث الذي سقته منذ قليل عن تحريم النبي لقليل ما أسكر كثيره : ومثل الحديث الشهير التالي : والذي لا يُتصور عدم معرفته من مثقفة مثلها - من المفترض ! - :

حيث روى البخاري عن أبي النعمان قال :
" كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة .. فنزل تحريم الخمر .. فأمر مناديا فنادى .. فقال أبو طلحة : اخرج فانظر ما هذا الصوت ؟؟.. قال : فخرجت فقلت : هذا مناد ينادي ألا إن الخمر قد حرمت .. فقال لي : اذهب فأهرقها .. قال : فجرت في سكك المدينة " ...

وحديث آخر :
" كل مسكر خمر .. وكل خمر حرام " !!!.. رواه البخاري ومسلم ..

وحديث ثالث :
" لعن الله الخمر وشاربها وساقيها ومبتاعها وبائعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه " !!!.. رواه أبو داود وغيره وصححه الألباني ...

وحديث رابع : عن ديلم الحميري قال :
" قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله .. إنا بأرض باردة ونعالج فيها عملا شديدا .. وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا قال : " هل يسكر ؟ " قلت : نعم قال : " فاجتنبوه" قلت : إن الناس غير تاركيه قال : " إن لم يتركوه فقاتلوهم " ... رواه أبو داود وصححه الألباني ..
-----------

وأما الخيطين الذين تلاعبت الكاتبة المغوارة بهما بجهل أو عمد في ذلك فهما :

أولا : 

ادعاءها أن الأمر باجتناب الخمر في القرآن لا يعني التحريم !!!!!!!!!.. وفاتها الاستشهاد بآخر الآيات وفيه " فهل أنتم منتهون " ؟!!.. وفاتها الرجوع لمعنى الكلمة في مواضع أخرى من القرآن نفسه !!.. وفاتها العودة للغة وآراء العلماء !!.. وأخيرا : فاتها الرجوع لروابط علماء الدين الإسلامي على النت المتيسر للجميع !
فهل هذا إلا بلادة تفكير أو برودة فرض الرأي !!!!!..

وهذا رابط واحد فقط كمثال - من موقع الإسلام ويب - :

ثانيا : 
ادعائها أن : كل نبيذ هو مُسكر أو يصل لدرجة الخمر .......!
وعليه : ساقت العديد من الأحاديث والروايات عن شرب النبي وعمر للنبيذ !!!..
ثم قامت بدس تعليقاتها المختارة بعناية لتوحي للقاريء بهذه الخدعات !!!.. 

فأقول والله المستعان ...
-----------------------------------

أولا ...
بالنسبة لادعاء أن الاجتناب لا يعني التحريم !!!..

من المعلوم أن التحريم في القرآن : لم يستخدم كلمة (حرام) فقط وإنما : كل نهي يُفهم منه التحريم : فهو من وسائل التحريم ... مثال قوله تعالى :

" يا أيها الذين آمنوا : لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل " سورة النساء ..

فحرف النهي " لا " هنا : قد أدى الغرض من التحريم ... وتكرر كثيرا في القرآن ..

والتحريم : معناه نهي الله تعالى عن فعل الشيء المذكور ....
فعندما نقول مثلا أن الزنا مُحرم : فيكون المعنى أي : لا تفعلوا الزنا ..
والسؤال الآن :
هل النهي عن فعل الزنا أبلغ : أم النهي عن الاقتراب أصلا من الزنا ودواعيه ومقدماته ؟!!..

والجواب لدى كل عاقل حكيم هو :
لا .. النهي عن الاقتراب أبلغ من مجرد النهي عن الفعل !!!..

وذلك لأن أكثر الناس بضعفهم إذا قاربوا الزنا وجاوروه وأهله : وفعلوا مقدماته من النظر إلى العورات والخلوة والأحضان والقبلات إلخ : وقعوا فيه لا محالة عاجلا أو آجلا !!..
ولذلك يقول أحكم الحاكمين سبحانه في القرآن الكريم مثلا :
" ولا تقربوا الزنى : إنه كان فاحشة وساء سبيلا " سورة الإسراء ..

وكذلك في ترهيبه عز وجل من مال اليتيم والقرب منه بغير حق مما يفضي غالبا إلى الأخذ منه بالحرام يقول :
" ولا تقربوا مال اليتيم : إلا بالتي هي أحسن " سورة الإسراء ..

فإذا فهمنا ذلك : فهمنا أن الأمر بالاجتناب في القرآن : هو مثل الأمر بعدم الاقتراب !

جاء في القاموس المحيط : 
" جَنَّبَهُ وتَجَنَّبَهُ واجْتَنَبَهُ وجَانَبَهُ وتَجانَبَهُ : بَعُدَ عنهُ " ...

ومَن يتتبع الآيات في القرآن نفسه : يجد كيف أتت كلمة الاجتناب أقوى في الترك وأكثر من مجرد النهي عن إتيان الشيء أو عمله !!!.. 

فنقرأ في دعاء إبراهيم عليه السلام مثلا : 
" وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا واجنبني وبني أن نعبد الأصنام " سورة إبراهيم ..
فيستحيل هنا أن يكون اجتناب عبادة الأصنام هو أقل من النهي عنها وتحريمها لمَن يعقل !!!..

وكذلك الآيات التاليات أيضا :
" ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت " سورة النحل ..

" فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور " سورة الحج ..

" والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى " سورة الزمر ..

" يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم " سورة الحجرات ..

ولذلك يقول الشيخ ابن العثيمين رحمه الله في شرحه لكلمة اجتنبوا : 
" اجتنبوا " ... أبلغ من قوله : " لا تفعلوا " .. لأن الاجتناب : معناه أن تكون في جانب وهي في جانب آخر .. وهذا يستلزم البعد عنها ..
و" اجتنبوا " أي : اتركوا .. بل أشد من مجرد الترك .. لأن الإنسان قد يترك الشيء وهو قريب منه .. فإذا قيل " اجتنبه " يعني : اتركه مع البعد " انتهى .. 

وأما الضربة القاصمة للكاتبة المنكرة لدلالة " فاجتنبوه " على النهي : 
فهو أنها لو ابتعدت بعينها أبعد من قدر أنفها لترى الآية التي بعدها : 
لتحطمت كذبتها على صخرة ختم الله تعالى لتلك المنكرات بقوله : 

" فهل أنتم منتهون " ؟!!!.. 

وإليكم الآيتين حتى نعلم السياق الذي اقتطعته الكاتبة بغير فهم ولا تدبر : 
" يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجسٌ من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون .. 
إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " ؟!!!!!!!.. 
------------------------- 

ثانيا .... 
تلاعب الكاتبة بجهل أو بعلم بمعنى النبيذ في الأحاديث ...

حيث صورت النبيذ الذي كان يشربه النبي وصحابته في الماضي على أنه خمر !!!..

< ويقابل النبيذ اليوم : العصائر .. مع فارق عدم وجود مواد حافظة أو ثلاجات في الماضي : ولذلك كانت عصائرهم إذا زادت عن ثلاثة أيام تتحول إلى خمر مُسكر

حيث ذكرت الكاتبة عددا من الروايات والأحاديث من السنة عن شرب النبي للنبيذ .. وكذلك عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في آخر لحظات حياته حينما قتله أبو لؤلؤة المجوسي : 
فصورته وكأن النبيذ كان مطلبه الأخير وشرابه المفضل قبل الموت !!!!!!!!.. 
ووالله : 
بئس الجهل والتدليس والتلبيس عنوانا لصاحبه !!!!.. 

وأما الرد : 
فهو أن الخمر المُسكر حرام باتفاق القرآن والسنة وكل علماء الإسلام على مر العصور .. ولا يُلتفت في ذلك للرويبضة الذين يتحدثون فيما لا يعلمون .. 

وأما النبيذ - ومعناه المعصور المتروك - : فله درجتين ... 

درجة النبيذ الغير مُسكر - أي قبل أن يختمر ويصير مُسكرا - .. 
ودرجة النبيذ الذي وصل بتخمره إلى أن صار مُسكرا - ويقع ذلك عند تركه لأكثر من 3 أيام وخصوصا مع تعريضه للهواء - ..

ولذلك :
نجد أنه في الوقت الذي كان العالم قديما - ومنهم العرب - متعلقون بالنبيذ والخمر أيما تعلق : إلا أن العقلاء والحكماء منهم كانوا يبتعدون عن الخمر بالكلية .. ويقتصرون في تناولهم للنبيذ على ما كان قبل تخمره فقط حتى لا يصير مُسكرا ..

وهذا ما كان عليه النبي والمسلمون صلى الله عليه وسلم ..

فأما النبي : فقد نقلت تلكم الكاتبة النصرانية بنفسها : أحاديثه التي توضح لنا نوع النبيذ الذي كان يشربه وهو :

1- 
ما لم يتعد الثلاثة أيام والثلاث ليالي ..
2- 
ما يكون مغطى بعيدان أو مُخمر بقماش وغيره إلخ .. (مُخمر أي مغطى أيضا) ..
3-
ما لا يُجمع فيه بين شيئين مختلفين كالتمر وزبيب العنب مثلا لأنه أسرع في التخمر ..

وأترككم الآن مع ما قالته الكاتبة بأسلوبها الملتوي وتلاعبها بكلمتي الخمر والنبيذ بكل خبث : لتوحي للقاريء بما تريده من طعن في النبي فتقول :

والآن لنعود لكتب الأحاديث ولنرى مدى فعالية تلك الآيات على محمد نبي الاسلام ، هل عمل بها !!؟؟ هل حرم الخمر على نفسه أم ماذا !!؟؟ فمن خلال الأحاديث سنجد أن محمد نبي الإسلام كان يشرب الخمر ( النبيذ) وكان مولعا به أيضا ، فقد كان ينبذ له ( أي يصنع له النبيذ ) وكان يشربه لمدة ثلاثة أيام ومن ثم يهرقه ( أي يصبه أو يرميه )، وإضافة على ذلك أستخدمه في الوضوء حيث قال انه شراب وطهور !! وإليك ما يثبت ذلك من خلال الأحاديث 

أقول : 
وإليكم في المقابل : نص الحديث المشار إليه ...
حيث روى الإمام مسلم وغيره من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : 
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقع له الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة .. ثم يأمر به فيسقى أو يهراق " ...

قال الإمام الشعبي في تعليقه على الحديث : 
" اشربه ثلاثة أيام إلا أن يغلي " .. أي : إلا أن يصل لمرحلة الخمر ..
أي أنه لو وصل لمرحلة التخمر قبل مرور الثلاثة أيام فلا يُشرب كذلك ...

ولذلك يقول الإمام الشوكاني أيضا : 
" قوله : في ثلاث .. فيه دليل على أن النبيذ بعد الثلاث قد صار مظنة لكونه مسكرا فيتوجه اجتنابه " ...

وهذا الحديث - لو صدقت الكاتبة - فيه دلالة على عكس ما أرادت !!!.. لأنه يُبين مدى احتراز النبي في النبيذ أن يصل إلى مرحلة التخمر والسكر !!.. وبذلك أمر المسلمين أن يفعلوا مثله ...!

وأما عن إرشاد النبي لغيره بأن يُغطي إناء النبيذ أو ما يُنبذ فيه العصير :
فعن ‏جابر بن عبد الله ‏‏قال :
" كنا مع رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم ‏‏فاستسقى .. فقال رجل : يا رسول الله .. ألا ‏ ‏نسقيك ‏‏نبيذا ؟؟.. ‏‏فقال : بلى .. قال : فخرج الرجل ‏‏يسعى .. فجاء ‏‏بقدح ‏‏فيه ‏‏نبيذ .. ‏فقال رسول الله ‏‏صلى الله عليه وسلم : ألا ‏‏خمرته ‏‏ولو‏ ‏تعرض عليه عودا ‏؟؟.. قال فشرب " ..

وخمرته هنا أي غطيته .. فالخمار هو الغطاء .. ومنه خمار المرأة .. ومنه سُمي كل مُسكر خمرا لأنه يُغطي العقل ويحجب التفكير السليم ... 

وأما عن نهي النبي مزج الشيئين في نبيذ واحد لأنه يُسرع في تخمرهما وسكرهما :
فقد أشارت إليه الكاتبة من جديد بأخبث عبارة وبألفاظها الخادعة التي وضعتها من عندها - لاحظوا كيف تقوم بالتعليق على أحاديث النبي بالتأويل السيء : في حين استماتت في الدفاع عن نصوص أناجيلها وعهدها بالتأويلات المفتعلة والمداراة ! -
تقول :

محمد نبي الإسلام كان خبيرا في صناعة الخمر ( النبيذ ) !!؟؟ حيث كان يوصيهم بعدم خلط التمر والزهو ، والتمر والزبيب وأوصاهم بان ينبذ كل واحد على حدى !!!
‏ ‏حدثنا ‏ ‏مسلم ‏ ‏حدثنا ‏ ‏هشام ‏ ‏أخبرنا ‏ ‏يحيى بن أبي كثير ‏ ‏عن ‏ ‏عبد الله بن أبي قتادة ‏ ‏عن ‏ ‏أبيه ‏ ‏قال ‏ 
‏نهى النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏أن يجمع بين التمر والزهو والتمر والزبيب ولينبذ كل واحد منهما على حدة 

وأقول : 
فما تسميه هي خبرة - على سبيل التهكم والاستهزاء وكأن النبي كان سكيرا مثل النصارى الذين تعرفهم الكاتبة وتعاني بلاد النصرانية والكفر والإلحاد منهم - : ما تسميه هي خبرة : نسميه نحن شروطا وضوابط أمر بها النبي مَن أراد أن يشرب نبيذا !!!..

فهل لهؤلاء القوم من عقل يعقلون به ؟؟.. 

أو من حياء يمنعهم من التدليس والكذب ؟!!!..

وعلى هذه الوتيرة يمكنكم قراءة العديد من الأحاديث والروايات التي نقلتها الكاتبة ((النصرانية)) لتستشهد بها على شرب النبي للنبيذ ((الذي أسمته هي خمرا كذبا وتدليسا واستغفالا للقاريء)) !!!..

ولا ننسى الانتباه لكلماتها التي تدسها من بين السطور على سبيل التشنيع ورسم التعجب مع كل نقل تنقله !!!.. وتخيلوها في هذا المشهد كرجل أخبل يريد أن يصور لك أن شرب عصير المانجو أو الفراولة حرام فيقول لك (مع التكثير من علامات التعجب والاستفهام كما أفعل الآن) :

أووووووووووه !!.. هل تشرب عصير المانجو يا رجل ؟؟!!.. يا رجل استحي على دمك !!.. عصير ؟؟!!.. حد يشرب عصير ؟؟!!!.. وكمان صبح وليل ؟!!!.. وكمان بتشربه في كاس زجاج زي الخمر ؟؟؟!!!..

وأما المضحك المبكي ...

فهي هذه الفبركة والكلمات الخبيثة التي صورت بها عمرا الفاروق رضي الله عنه في آخر لحظات حياته : وكأنه يطلب شرب الخمر ((النبيذ)) كطلب أخير قبل موته !

فتقول هذه العينة من المثقفين الذين ابتلينا بهم في عصر الحمار المتمدن :

ولكن ... العجيب أن نقرأ في كتب التراث أن عمر كان يحب شرب الخمر وهذا ما قاله وقت موته: (كتاب الطبقات الكبرى لابن سعد ص 582) "فأقبل عمر تعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، وطعنه ثلاث طعنات، فقال عمر: دونكم الكلب قد قتلني،.. فدخل الناس عليه فقال ادعوا لي طبيبا فدعي له الطبيب فقال أي الشراب أحب إليك قال النبيذ فسقي نبيذا". وهذا يدل على أن تلك الآيات لم تؤثر على عمر ولم تشكل له أي رادع ، فقد طلب النبيذ وهو على فراش الموت !!؟؟

أقول :
فهذا النقل المقطوع على طريقة (المونتاج) في الإعلام الهابط لتشويه الحقائق :
هو ما دلني على أنه :

إما الكاتبة قد أعماها حقدها إلى أن تقتطع من النقولات على غرار مَن يقتطع " ويل للمصلين " من القرآن لينهى المسلمين عن الصلاة ويترك ما بعدها : " الذين هم عن صلاتهم ساهون " ...!

وإما هي مجرد ناقلة وجامعة للشبهات التافهة من موائد النصارى والملاحدة من كتبهم الهابطة ومنتدياتهم .. وهنا :

يكون ذلك اعترافا ضمنيا بنوعية ((الكتاب المثقفين)) الذين يُـلمعهم أعداء الدين ليحملوا للناس الرسالة السامية للحمار المتمدن !!!..

حيث يتبين لنا أنهم ما إلا بضعة نقلة مثلهم مثل أي عضو فاشل في أحط منتديات الشبهات حول الإسلام !!

والاختياران أحلاهما مر للأسف ...!

والآن :
أترككم وأختم معكم بهذه الفقرة المُكررة في كل كتب السيرة عن مقتل عمر الفاروق رضي الله عنه .. تلك اللحظات المهيبات لهذا الرجل العظيم ...

ولنرى معا : سبب طلب الطبيب من عمر أن يشرب شرابا :

هل كان بالفعل للمتعة وعلى سبيل طلب أخير قبل الموت ولشدة ولع عمر بالخمر كما صورته تلك الكلمات الخبيثات للكاتبة النصرانية ؟!!..

أم أن ذلك كان من الطبيب ليعرف هل هناك أمل في شفاء عمر أم لا ؟؟..
حيث إذا خرج الشراب من أحد جروح الطعنات : فذلك يعني أنه ميت لا محالة ولا أمل في علاجه ؟ وهو ما وقع بالفعل من الجرح الذي تحت سرته ؟؟؟..

تعالوا لنقرأ معا ما جاء في كتب السيرة التي اقتطعتها الكاتبة باحتراف !

قال محمد بن رشد: روي عن عمر بن ميمون قال: شهدت عمر يوم طعن وما منعني أن أكون في الصف المقدم إلا هيبته، وكان رجلا مهيبا، فكنت في الصف الذي يليه. فأقبل عمر فعرض له أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة فناجى عمر قبل أن تستوي الصفوف (أي تحدث إليه بصوت منخفض قبل الصلاة) ثم طعنه ثلاث طعنات، فسمعت عمر وهو يقول: دونكم الكلب فإنه قد قتلني، وماج الناس وأسرعوا إليه، فخرج عليه ثلاثة عشر رجلا فانكفأ عليه رجل من خلفه فاحتضنه، وحُمل عمر، فماج الناس بعضهم في بعض حتى قال قائل: الصلاة عباد الله، طلعت الشمس، فقدموا عبد الرحمن بن عوف فصلى بأقصر سورتين في القرآن: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ} [النصر: 1]، و{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، واحتمل عمر ودخل عليه الناس، فقال لعبد الله بن عباس: أخرج فناد في الناس، أعن ملأ منكم هذا؟ (أي يريد عمر أن يطمئن أن قتله لم يكن بدافع من المسلمين ضده) فخرج ابن عباس فقال: أيها الناس، إن أمير المؤمنين يقول: أعن ملأ منكم هذا؟ فقالوا: معاذ الله، والله ما علمنا ولا اطلعنا. وقال: ادع لي الطبيب، فدعي الطبيب فقال: أي الشراب أحب إليك؟ فقال: النبيذ، فسقي نبيذا فخرج من بعض طعناته، فقال الناس: هذا دم هذا صديد، فقال: اسقوني لبنا، فسقي لبنا فخرج من الطعنة، (أي التي تحت سرته كما في كتب السيرة والتراجم كما في الاستيعاب وأسد الغابة والإصابة :

فقال له الطبيب: ما أرى أن تمسي، فما كنت فاعلا فافعل (أي أنك لن تبلغ المساء إلا وقد مت .. فعجل بما تريد فعله الآن من وصية أو عهد بخلافة ونحوه)  وذكر تمام الخبر في الشورى وتقديمه لصهيب في الصلاة. وقد روي عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال: غدوت مع عمر بن الخطاب إلى السوق وهو متكئ على يدي، فلقيه أبو لؤلؤة المجوسي غلام المغيرة بن شعبة فقال : ألا تكلم مولاي يضع عني من خراجي؟ قال: كم خراجك؟ قال دينار (أي يدفع دينارا في السنة مثله مثل المقتدرين وليس الفقراء) قال ما أرى أن أفعل، إنك لعامل محسن وما هذا بكثير (أي أخبره عمر بأن دينار مناسب له وليس بكثير عليه لأنه عامل ماهر) ثم قال له عمر: ألا تعمل لي رحا؟ قال: بلى، قال فلما ولى قال أبو لؤلؤة: لأعملن لك رحا يتحدث بها ما بين المشرق والمغرب !! قال: فوقع في نفسي قوله. قال: فلما كان في النداء لصلاة الصبح وخرج عمر للناس يؤذنهم الصلاة وقد اضطجع له أبو لؤلؤة عدو الله، فضربه بالسكين، وذكر تمام الخبر. ولما أخبر بمن قتله قال: الحمد لله الذي لم يجعل قتلي على يد رجل يحاجني بلا إله إلا الله. وبالله التوفيق.

هذا والحمد لله رب العالمين ...